فصل: (الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانِ وَلِبَنِي فُلَانٍ وَالْيَتَامَى وَالْمَوَالِي وَالشِّيعَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانِ وَلِبَنِي فُلَانٍ وَالْيَتَامَى وَالْمَوَالِي وَالشِّيعَةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ):

اعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ أَرْبَعَ شَرَائِطَ: أَحَدُهَا- أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّ مَثْنًى فَصَاعِدًا.
وَالثَّانِي- أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَيَكُونُ الْأَبْعَدُ مَحْجُوبًا بِالْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ.
وَالثَّالِثُ- أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُوصِي حَتَّى أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ.
وَالرَّابِعُ- أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ يَرِثُ مِنْ الْمُوصِي وَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ قَرِيبٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَالْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ إسْلَامُ الْأَبِ الْأَقْصَى؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُشْتَرَطُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُشْتَرَطُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إدْرَاكُهُ الْإِسْلَامَ، وَيَكُونُ مَعْرُوفًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ حَتَّى إنَّ عَلَوِيًّا لَوْ أَوْصَى لِذَوِي قَرَابَتِهِ فَمَنْ شَرَطَ الْإِسْلَامَ يَصْرِفُ الْوَصِيَّةَ إلَى أَوْلَادِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا إلَى أَوْلَادِ أَبِي طَالِبٍ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ يَصْرِفْهَا إلَى أَوْلَادِ أَبِي طَالِبٍ يَدْخُلُ فِيهَا أَوْلَادُ عَقِيلٍ وَجَعْفَرٍ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْإِسْلَامَ وَلَا يَدْخُلُ الْوَارِثُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ الْقَرِيبُ وَاحِدًا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ الْوَالِدُ وَالْوَلَدُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَهَلْ يَدْخُلُ فِيهَا الْجَدُّ وَوَلَدُ الْوَلَدِ؟ ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيحُ.
فَإِنْ تَرَكَ عَمَّيْنِ وَخَالَيْنِ وَهُمْ لَيْسُوا بِوَرَثَتِهِ بِأَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَمَّيْنِ وَخَالَيْنِ فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمَّيْنِ لَا لِلْخَالَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بَيْنَ الْعَمَّيْنِ وَالْخَالَيْنِ أَرْبَاعًا.
وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ وَخَالَانِ فَلِلْعَمِّ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْخَالَيْنِ النِّصْفُ الْآخَرُ وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِعَمِّهِ وَالنِّصْفُ يُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ النِّصْفُ الْآخَرُ إلَى ذِي الرَّحِمِ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْرَمٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
تَرَكَ عَمًّا وَعَمَّةً وَخَالًا وَخَالَةً فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمِّ، وَالْعَمَّةِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ؛ لِاسْتِوَاءِ قَرَابَتِهِمَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ أَوْ لِذِي رَحِمِهِ يَسْتَحِقُّ الْوَاحِدُ الْكُلَّ حَتَّى لَوْ تَرَكَ عَمًّا وَخَالًا فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْعَمِّ عِنْدَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَوَازِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: إنَّهَا جَائِزَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِ بَيْتِهِ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُمْ أَقْصَى أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى أَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ كَانَ عَلَوِيًّا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ عَبَّاسِيًّا يَدْخُلُ فِيهَا كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ، وَلَا يَدْخُلُ مَنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِنَسَبِهِ أَوْ حَسَبِهِ.
فَهُوَ عَلَى قَرَابَتِهِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى لَوْ كَانَ آبَاؤُهُ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ عِبَارَةٌ عَمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ.
وَكَذَلِكَ الْحَسَبُ فَإِنَّ الْهَاشِمِيَّ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ يُنْسَبُ الْوَلَدُ إلَيْهِ لَا إلَى أُمِّهِ وَحَسَبُهُ أَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْحَسَبَ وَالنَّسَبَ يَخْتَصَّانِ بِالْأَبِ دُونَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لِجِنْسِ فُلَانٍ فَهُمْ بَنُو الْأَبِ، وَكَذَلِكَ اللُّحْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِنْسِ.
وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِآلِ فُلَانٍ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ لِجِنْسِهَا أَوْ لِأَهْلِ بَيْتِهَا لَا يَدْخُلُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ إلَّا إذَا كَانَ زَوْجُهَا مِنْ عَشِيرَتِهَا، كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ شَرْحِ الْعَتَّابِيِّ.
وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَهْلِهِ أَوْ لِأَهْلِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهَا قِيَاسًا إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا وَجَعَلْنَا الْوَصِيَّةَ لِكُلِّ مَنْ يَكُونُ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ وَيَضُمُّهُ بَيْتُهُ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَمَالِيكُهُ، وَلَوْ كَانَ أَهْلُهُ بِبَلْدَتَيْنِ أَوْ فِي بَيْتَيْنِ دَخَلُوا تَحْتَ الْوَصِيَّةِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَوْصَى لِإِخْوَتِهِ الثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقِينَ وَلَهُ ابْنٌ جَازَتْ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِالسَّوِيَّةِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا بِنْتٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لِلْأَخِ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ.
وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأَوْصَتْ بِنِصْفِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ مَالِهَا وَلِلزَّوْجِ ثُلُثُ الْمَالِ وَالسُّدُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ أَوَّلًا بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَا بَقِيَ وَهُوَ الثُّلُثُ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ تَمَامَ وَصِيَّتِهِ وَهُوَ السُّدُسُ يَبْقَى السُّدُسُ فَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَلَوْ أَوْصَتْ لِقَاتِلِهَا بِنِصْفِ الْمَالِ، ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْقَاتِلُ نِصْفَ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ بِنِصْفِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَمْ تُوصِ وَصِيَّةً أُخْرَى كَانَ جَمِيعُ مَالِهَا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهَا وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِامْرَأَتِهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ؛ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ وَلِلْمَرْأَةِ رُبُعُ مَا بَقِيَ وَهُوَ السُّدُسُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ وَيَبْقَى نِصْفُ الْمَالِ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ نِصْفَيْنِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ وَأَوْصَتْ بِجَمِيعِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَيْسَ لَهَا وَارِثٌ سِوَاهُ وَأَوْصَتْ بِجَمِيعِ مَالِهَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ أَوْصَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ لِلزَّوْجِ نِصْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِقَدْرِ الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمِيرَاثِ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَثْلَاثًا، ثُلُثُ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَثُلُثَاهُ لِلزَّوْجِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِقَرَابَتِي وَلِغَيْرِهِمْ؟ (قَالَ) هُوَ كُلُّهُ لِلْقَرَابَةِ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ إلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قَالَ: لِقَرَابَتِي وَلِبَنِي آدَمَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَوْصَى لِإِخْوَانِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يُعْرَفُونَ بِإِخَائِهِ وَيُنْسَبُونَ إلَيْهِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِحَشَمِهِ فَحَشَمُهُ كُلُّ مَنْ كَانَ يَعُولُهُ وَتَجْرِي عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَلَدُهُ وَوَالِدَاهُ وَلَا زَوْجَتُهُ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُهُ وَرَقِيقُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ قَرَابَتِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ أَوْصَى لِقَوْمِهِ أَوْ لِعِتْرَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لِفُقَرَائِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ مَوَالِيهِمْ.
وَلَوْ أَوْصَى لِقُدَمَائِهِ فَهُوَ مَنْ يَصْحَبُهُ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ: وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَنِي فُلَانٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ فُلَانٌ أَبَا قَبِيلَةٍ يَعْنِي أَبَا جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ كَتَمِيمٍ لِبَنِي تَمِيمٍ وَأَسَدٍ لِبَنِي أَسَدٍ، أَوْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا لَيْسَ بِأَبِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ وَاعْلَمْ بِأَنَّ أَوَّلًا الْأَسَامِيَ فِي هَذَا الْبَابِ الشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ، ثُمَّ الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ، فَمُضَرٌ لِقُرَيْشٍ شَعْبٌ وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ أَبُو جَدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ، هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي كِنَانَةَ وَهُوَ أَبُو قَبِيلَةٍ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ كِنَانَةَ إلَى الْفَصِيلَةِ وَأَوْلَادُهُ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي قُرَيْشٍ- وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ- فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَكِنَانَةٍ وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ قُرَيْشٍ وَقُصَيٍّ وَأَوْلَادُ قُصَيٍّ وَهَاشِمٌ وَأَوْلَادُهُ وَالْعَبَّاسُ وَأَوْلَادُهُ.
وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي قُصَيٍّ وَهُوَ بَطْنُ الْقَبِيلَةِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ مُضَرَ وَكِنَانَةَ وَأَوْلَادُ قُرَيْشٍ وَيَدْخُلُ مَنْ دُونَهُمْ وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي هَاشِمٍ الَّذِي هُوَ فَخِذٌ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَنْ فَوْقَهُمْ وَيَدْخُلُ مَنْ دُونَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْفَصِيلَةِ، وَإِذَا أَوْصَى لِبَنِي فَصِيلَةِ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْعَبَّاسِ وَأَوْلَادُ أَبِي طَالِبٍ وَأَوْلَادُ عَلِيٍّ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ فَوْقَهُمْ وَإِذَا عَرَفْنَا هَذِهِ الْجُمْلَةَ جِئْنَا إلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا وَهُوَ مَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٌ أَبُو الْقَبِيلَةِ وَلَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَإِنَّ ثُلُثَ مَالِهِ يَكُونُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِ بِالسَّوِيَّةِ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كُنَّ إنَاثًا كُلُّهُنَّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ لَهُنَّ، وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا كُلُّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَلَهُ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُهُ ذُكُورٌ كُلُّهُمْ فَإِنَّ ثُلُثَ مَالِهِ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُهُ إنَاثًا كُلُّهُنَّ لَا شَيْءَ لَهُنَّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَوْلَادُ فُلَانٍ ذُكُورًا وَإِنَاثًا اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْوَصِيَّةُ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ أَوْلَادٌ لِصُلْبِهِ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ هَلْ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ؟ إنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادُ بَنَاتٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، هَذَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ، فَأَمَّا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ بَنَاتٌ لَا غَيْرُ دَخَلْنَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لِفُلَانٍ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا يُفَضِّلُ الذُّكُورَ عَلَى الْإِنَاثِ.
(قَالَ) فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَامِلٌ دَخَلَ مَا فِي بَطْنِهَا فِي الْوَصِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ تَحْتَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ أَبًا خَاصًّا فَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ أَبُو فَخِذٍ فَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ حَالَ قِيَامِ وَلَدِ الصُّلْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ كَانَ الثُّلُثُ كُلُّهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ وَإِذَا أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ أَوْلَادُ الصُّلْبِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ، وَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ؟ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: الرِّوَايَتَانِ فِي دُخُولِ بَنِي الْبَنَاتِ، أَمَّا بَنَاتُ الْبَنَاتِ فَلَا يَدْخُلْنَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا أَوْصَى لِبَنَاتِ فُلَانٍ وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلْبَنَاتِ خَاصَّةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتُ بَنِينَ فَالْوَصِيَّةُ لِبَنَاتِ بَنِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَنَاتُ بَنَاتٍ لَا يَدْخُلْنَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ سَمَّى شَيْئًا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَنَاتَ الْبَنَاتِ بِأَنْ قَالَ: إنَّ لِفُلَانٍ بَنَاتٍ وَقَدْ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهُنَّ فَأَوْصَيْت لِبَنَاتِهِ دَخَلَ الْوَصِيَّةَ بَنَاتُ الْبَنَاتِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ.
إذَا أَوْصَى لِآبَاءِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلَهُمْ آبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ وَإِنَّمَا لَهُمْ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ.
وَإِذَا أَوْصَى لِأَكَابِرِ وَلَدِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَالْآخَرُ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً فَهَذَا جُمْلَةُ الْأَكَابِرِ.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِبَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٌ فَخِذٌ أَوْ بَطْنٌ أَوْ قَبِيلَةٌ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَنُو فُلَانٍ يُحْصَوْنَ، أَوْ لَا يُحْصَوْنَ.
فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ سَوَاءٌ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَمْ فُقَرَاءَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاؤُهُمْ لَا يُعْرَفُونَ وَلَا يُحْصَوْنَ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ خَمْسَةٌ فَإِذَا هُمْ ثَلَاثَةٌ أَوْ اثْنَانِ فَالثُّلُثُ لَهُمْ، وَلَوْ قَالَ: لِابْنَيْ فُلَانٍ فَإِذَا لَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ، وَلَوْ قَالَ: لِابْنَيْ فُلَانٍ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَإِذَا لَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَلَهُ ثُلُثُ الْكُلِّ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ بِثُلُثِ مَالِي فَإِذَا هُمْ خَمْسَةٌ فَالْوَصِيَّةُ لِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَالْخِيَارُ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ أَوْصَى مَعَهُمْ لِآخَرَ فَلَهُ الرُّبُعُ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ خَمْسَةٌ وَلِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي فَإِذَا لِلْأَوَّلِ بَنُونَ ثَلَاثَةٌ كَانَ.
الْأَخِيرُ شَرِيكًا بِالرُّبُعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ مُسَمًّى وَأَخْبَرَ الْمُوصِي أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ أَلْفٌ أَوْ قَالَ: هُوَ هَذَا فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَهُ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي سَمَّيْت بَاطِلَةٌ لَا يُنْقِصُ الْوَصِيَّةَ خَطَؤُهُ فِي مَالِهِ إنَّمَا غَلَطٌ فِي الْخِطَابِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا فِي الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَالَ) وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِغَنَمِي كُلِّهَا وَهِيَ مِائَةُ شَاةٍ فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِهَا.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِغَنَمِي وَهِيَ هَذِهِ وَلَهُ غَنَمٌ غَيْرُهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّ هَذَا فِي الْقِيَاسِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي أَدْعُ الْقِيَاسَ فِي هَذَا وَأَجْعَلُ لَهُ الْغَنَمَ الَّتِي سَمَّى مِنْ الثُّلُثِ.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِرَقِيقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا هُمْ خَمْسَةٌ جَعَلْتُ الْخَمْسَةَ كُلَّهُمْ فِي الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلشِّيعَةِ وَلِمُحِبِّي آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقِيمِينَ بِبَلْدَةِ كَذَا قَالَ أَبُو قَاسِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فِي الْقِيَاسِ إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ قِيَاسًا عَلَى الْيَتَامَى، قَالَ: وَالشِّيعَةُ هُمْ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ بِالْمَيْلِ إلَيْهِمْ وَجُعِلُوا مَوْسُومِينَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا الَّذِي يَقَعُ فِي وَهْمِ الْمُوصِي.
رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِجِيرَانِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ يُقَسَّمُ عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لِأَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِمُجَاوِرِي مَكَّةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ يُصْرَفُ إلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ قُسِّمَتْ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَحَدُّ الْإِحْصَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ إلَّا بِكِتَابٍ وَحِسَابٍ فَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَقَالَ بِشْرٌ: لَيْسَ لِهَذَا وَقْتٌ وَقِيلَ: إذَا كَانُوا لَا يُحْصِيهِمْ الْمُحْصِي حَتَّى يُولَدَ فِيهِمْ مَوْلُودٌ أَوْ يَمُوتَ فِيهِمْ أَحَدٌ فَإِنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْأَيْسَرُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذَا أَوْصَى لِيَتَامَى بَنِي فُلَانٍ وَيَتَامَى بَنِي فُلَانٍ مِمَّنْ يُحْصَوْنَ فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيُصْرَفُ إلَى كُلِّهِمْ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى هَذِهِ السِّكَّةِ أَوْ لِيَتَامَى هَذِهِ الدَّارِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْصَى يَتَامَاهُمْ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَتُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَرَامِلِ بَنِي فُلَانٍ وَهُنَّ يُحْصَوْنَ أَوْ لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَإِذَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ هُنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كُنَّ يُحْصَوْنَ يُصْرَفُ إلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ لَا يُحْصَوْنَ تُصْرَفُ إلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِنَّ مِنْهُنَّ، وَأَدْنَى ذَلِكَ الْوَاحِدَةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثِنْتَانِ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ أَوْ لِجِيرَانِ فُلَانٍ وَجِيرَانُهُ لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لِأَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا وَلِأَهْلِ سِجْنِ كَذَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَزْوَاجِ بَنَاتِهِ يَتَنَاوَلُ الزَّوْجَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ أَمَّا الْبَائِنُ فَلَا، وَالْأَيْتَامُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ وَإِلَّا فَعَلَى الْفُقَرَاءِ.
وَكَذَا الْعُمْيَانُ وَالزَّمْنَى وَالْغَارِمُونَ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ وَأَهْلُ السُّجُونِ وَالْغُزَاةُ وَالْأَرَامِلُ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَعَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَإِنْ لَمْ يُحْصَوْا فَعَلَى الْفُقَرَاءِ وَكَذَا الْعُمْيَانُ وَالْأَرْمَلَةُ هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ وَجُومِعَتْ وَلَا زَوْجَ لَهَا، وَالشَّابُّ وَالْفَتَى مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّيْبُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّيْبُ قَبْلَهُ، وَالشَّيْخُ مِنْ خَمْسِينَ، وَالْغُلَامُ مَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ، وَالْعَقِبُ مِنْ يَعْقُبُ أَبَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَا الْوَرَثَةُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَمَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمْ الْمُلَاصِقُونَ لِدَارِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَهَذَا قِيَاسٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَسْكُنُ مَحَلَّةَ الْمُوصِي وَيَجْمَعُهُمْ مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ السَّاكِنُ وَالْمَالِكُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ وَالْمُدَبَّرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ.
وَالْمُكَاتَبُ يَدْخُلُ كَذَا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَالْمُحِيطِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ مِنْ جِيرَانِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ بِمَالِهِ يُنْظَرُ فِيمَا أَوْصَى لِهَذَا وَفِيمَا يُصِيبُهُ مَعَ الْجِيرَانِ فَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى لِعُمْيَانِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِزَمْنَى بَنِي فُلَانٍ إنْ كَانُوا قَوْمًا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ لِفُقَرَائِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ وَذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ.
وَلَوْ أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِثَيِّبِهِمْ أَوْ لِأَبْكَارِهِمْ صَحَّ فِي الْإِحْصَاءِ وَإِلَّا لَا.
وَلَوْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مُعْتَقِينً وَمُعْتِقُونَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْمَوَالِي مَنْ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَلَا يَدْخُلُ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَأَنْت حُرٌّ، فَمَاتَ قَبْلَ ضَرْبِهِ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُوصِي رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ فَأَوْصَى لِمَوَالِيهِ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَسْفَلُ مَعَ وَلَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ وَمُعْتِقُ الْمُعْتَقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمُوَالِي فَالثُّلُثُ لِمَوَالِي مَوَالِيهِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
فَإِنْ بَقِيَ مِنْ مَوَالِيهِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ أَوْ مِنْ أَوْلَادِهِمْ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَلَهُ مَوَالِي مَوَالِيهِ فَالثُّلُثُ لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَإِنْ أَوْجَبَ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ بِاسْمِ الْجَمْعِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ مَوَالِيهِ وَلَا مِنْ أَوْلَادِ مَوَالِيهِ إلَّا وَاحِدٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُرَدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِمَوَالِي بَنِي فُلَانٍ بِفَخِذٍ يُحْصَوْنَ دَخَلَ فِيهَا الْمُعْتَقُ وَمُعْتِقُ الْمُعْتَقِ وَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِعَدَمِ ضَرْبِهِ وَلَا يَدْخُلُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلِهَذَا الْمُوصِي أَمَةٌ مُعْتَقَةٌ أَعْتَقَهَا الْمُوصِي فَوَلَدَتْ وَلَدًا أُدْخِلَ وَلَدُهَا تَحْتَ الْوَصِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُعْتَقَ غَيْرِ الْمُوصِي، فَإِنْ كَانَ أَبُو وَلَدِ مُعْتَقَةِ الْمُوصِي عَرَبِيًّا لَا يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْوَصِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ أَبُو الْوَلَدِ رَجُلًا مِنْ الْمَوَالِي مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ مُعْتَقَ قَوْمٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِمَوَالِيهِ وَلَيْسَ لَهُ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي وَلَا مَوَالِي الْمَوَالِي، وَإِنَّمَا لَهُ مَوْلَى أَبِيهِ أَوْ مَوْلَى ابْنِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ إلَّا مَوَالٍ أَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْهِ وَوَالِدِهِ كَانَ الثُّلُثُ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ الْمُوصِي أَوْ أَوْلَادُ مَوَالِيهِ فَإِنَّ فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونُوا سَوَاءً وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الثُّلُثُ لِهَؤُلَاءِ دُونَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ بِمَوْتِهِ فَالْوَصِيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الَّتِي عَتَقْنَ بِمَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ فَالْوَصِيَّةُ لَهُنَّ.
وَلَوْ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِأَلْفٍ وَلِمَوْلَيَاتِهِ بِأَلْفٍ وَلَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْلَيَاتٌ سِوَاهُنَّ اُعْتُبِرَ كُلُّ فَرِيقٍ عَلَى حِدَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ أَوْصَى لِأَصْهَارِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَزَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَصْهَارٌ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَنْ كَانَ صِهْرًا لِلْمُوصِي يَوْمَ مَوْتِهِ بِأَنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ مُعْتَدَّةً عَنْهُ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةَ الْمَوْتِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَالْمَرْأَةُ فِي نِكَاحِهِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَالصِّهْرُ يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا.
وَمَنْ أَوْصَى لِأَخْتَانِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ زَوْجٍ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَأَزْوَاجِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ، كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى خَتَنًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَمَّا فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ فَاسْمُ الْخَتَنِ يَنْطَلِقُ عَلَى زَوْجِ الْبِنْتِ وَزَوْجِ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَلَا يَنْطَلِقُ عَلَى ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ وَالْعِبْرَةُ لِلْعُرْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَكُونُ الْأَخْتَانُ مِنْ قِبَلِ نِسَاءِ الْمُوصِي يُرِيدُ بِهِ أَنَّ امْرَأَةَ الْمُوصِي إذَا كَانَتْ لَهَا بِنْتٌ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ وَلَهَا زَوْجٌ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا لَا يَكُونُ خَتَنًا لِلْمُوصِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُقَرَاءِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ دَخَلَ مَوَالِيهِمْ وَمَوَالِي مَوَالِيهِمْ وَمَوَالِي الْمُوَالَاةِ وَحُلَفَاؤُهُمْ وَعَدِيدُهُمْ يُقَسِّمُهُ بَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.
وَالْحَلِيفُ مَنْ وَالَى قَوْمًا وَيَقُولُ لَهُمْ أَنَا أَسْلَمُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُونَ لَهُ عَلَى الْمُوَالَاةِ، وَالْعَدِيدُ مَنْ يَصِيرُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ حَلِفٍ، وَإِنْ أَعْطَى الْكُلَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْطِيهِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَلَيْسَ بِأَبِي قَبِيلَةٍ وَلَا فَخِذٍ فَالثُّلُثُ لِبَنِيهِ لِصُلْبِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَوْلَى وَالْحَلِيفُ فِي الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِأَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَذَكَرَ أَنَّ نُصَيْرَ بْنَ يَحْيَى كَانَ يَقُولُ: الْوَصِيَّةُ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِمَا.
وَأَمَّا الْعُمَرِيَّةُ فَهَلْ يَدْخُلُونَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: يَنْظُرُ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَيَتَّصِلُ بِهِمَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا وَلَا يَتَّصِلُ بِهِمَا لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ.
وَإِذَا أَوْصَى لِلْعَلَوِيَّةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الِاسْمِ مَا يُنَبِّئُ عَنْ الْفَقْرِ أَوْ الْحَاجَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ يَجُوزُ.
وَعَلَى هَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَهَاءِ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ تَجُوزُ.
وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ تَجُوزُ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا أَوْصَى لِطَلَبَةِ عِلْمٍ كُورَةِ كَذَا لِطَلَبَةِ عِلْمِ كَذَا تَجُوزُ، وَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ وَاحِدًا مِنْ فُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا صَرَفَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَصَاعِدًا.
وَإِذَا أَوْصَى لِفُقَرَاءِ الْفُقَهَاءِ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ: الْفَقِيهُ عِنْدَنَا مَنْ بَلَغَ فِي الْفِقْهِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى وَلَيْسَ الْمُتَفَقِّهُ بِفَقِيهٍ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ نَصِيبٌ.
وَإِذَا أَوْصَى لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلْدَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ.
وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ؟ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصًّا فِي الْكُتُبِ.
وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّ كُتُبَ الْكَلَامِ لَيْسَتْ كُتُبَ الْعِلْمِ يَعْنِي فِي الْعُرْفِ وَلَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْكُتُبِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمُتَكَلِّمُونَ.
وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ فِي كُورَةِ كَذَا لِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَا تُفِيدُ شَيْئًا لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ لِتَعَلُّمِ الْفِقْهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَاسْمُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَتَنَاوَلُ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَيَسْمَعُهَا وَيَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ أَوْصَى لِفُلَانٍ وَلِبَنِي تَمِيمٍ قَالَ: كُلُّ الثُّلُثِ يَكُونُ لِفُلَانٍ، وَلَا شَيْءَ لِبَنِي تَمِيمٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ وَلِلْمَوَالِي إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ بَاطِلَةٌ.
وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِفُلَانٍ لَا غَيْرُ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِعَشَرَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا يَكُونُ لِفُلَانٍ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ وَالثَّمَرَةِ وَغَلَّةِ الْعَبِيدِ وَغَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَغَلَّةِ الْأَرْضِ وَظَهْرِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا):

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِخِدْمَةِ الرَّقِيقِ وَسُكْنَى الدُّورِ وَبِغَلَّةِ الرَّقِيقِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْبَسَاتِينِ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمِهِمْ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِذَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ فَنَقُولُ: إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِخِدْمَةِ هَذَا الْعَبْدِ مَثَلًا سَنَةَ سَبْعِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ لَمْ يَقُلْ: سَنَةَ كَذَا.
وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ فِي سَنَةٍ بِعَيْنِهَا إنْ مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا.
قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا بَعْضُهَا بِأَنْ مَضَتْ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَقِيَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ دُخُولِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا، ثُمَّ دَخَلَتْ تِلْكَ السَّنَةُ يَنْظُرُ إلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ.
ثُمَّ إنْ بَقِيَ نِصْفُ السَّنَةِ يَسْتَخْدِمُهُ نِصْفَ السَّنَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ تِلْكَ السَّنَةِ يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ سَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ لَا يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ عَيْنُهَا فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا يُسَلَّمُ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ، هَذَا إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ السَّنَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لَا يُخْرَجُ وَقَدْ أَجَازُوا يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ يَسْتَخْدِمُهُ سَنَةً كَامِلَةً، ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ، فَإِذَا مَضَى ثَلَاثَ سِنِينَ تَمَّتْ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ السَّنَةَ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْمَوْتُ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِيمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً فَهُوَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَوْ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً، أَمَّا إنْ عَيَّنَ السَّنَةَ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّنَةَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَالْخِدْمَةُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقَةً يَثْبُتُ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ إنْ كَانَ هُنَاكَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنْتَقِلْ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ الدَّارِ أَوْ الْعَبْدِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ بِنَفْسِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَصْلِ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يَسْكُنُ ثُلُثَهَا مِنْهَا وَتَسْكُنُ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَيْنِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ثُلُثَيْ الدَّارِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ أَنْ يُؤَاجِرَهُمَا عِنْدَنَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَبْدَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ فَيُخْرِجُهُ إلَى أَهْلِهِ لِلْخِدْمَةِ هُنَاكَ إذَا كَانَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ مُهَايَأَةً مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُعَارَ بَيْتُهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُسْقَى عَنْهُ الْمَاءُ شَهْرًا فِي الْمَوْسِمِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ بَاطِلًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
رَجُلٌ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِهَذَا التِّبْنِ لِدَوَابِّ فُلَانٍ- كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ: يُعْلَفُ بِهِ دَوَابُّ فُلَانٍ- كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُنْتَقَى بِرِوَايَةِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ وَلَمْ يُوَقِّتْ كَانَ ذَلِكَ مَا عَاشَ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ عَبْدِهِ هَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ وَقْتًا وَهُوَ يُخْرِجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَلَهُ غَلَّتُهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ لِعَبْدِ رَجُلٍ جَازَ وَيَسْتَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ الْعَبْدَ وَلَا يَخْدُمُ مَوْلَاهُ وَيَسْكُنُ الْعَبْدُ الدَّارَ وَلَا يَسْكُنُهَا مَوْلَاهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ بِيعَ أَوْ أُعْتِقَ تَتْبَعُهُ الْوَصِيَّةُ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يَخْدُمَ عَبْدُهُ فُلَانًا حَتَّى اسْتَغْنَى فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ صَغِيرًا خَدَمَهُ حَتَّى يُدْرِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا خَدَمَهُ حَتَّى يُصِيبَ ثَمَنَ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا غَنِيًّا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَلَهُ الْغَلَّةُ الْقَائِمَةُ وَغَلَّتُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ قَالَ: أَبَدًا، أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَيْضًا فَإِنْ كَانَ فِي بُسْتَانِهِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ كَانَتْ لَهُ تِلْكَ الثِّمَارُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَمُوتَ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، هَذَا إذَا كَانَ فِي الْبُسْتَانِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ ثِمَارٌ قَائِمَةٌ يَوْمَ الْمَوْتِ- فَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ، وَلَا تَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَى مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلَّهُ إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْأَبَدِ فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِثِمَارِ بُسْتَانِي أَبَدًا كَانَ لَهُ الثَّمَرَةُ الْقَائِمَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْبُسْتَانِ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَبَدًا فَحَدَثَ فِي الْبُسْتَانِ شَجَرٌ مِنْ أُصُولِ النَّخِيلِ وَأَثْمَرَ دَخَلَتْ غَلَّةُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ، وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ غَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَبَدًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ، وَإِنْ قَاسَمَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ مَعَ الْوَرَثَةِ فَأَغَلَّ الَّذِي لِلْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَمْ يُغِلَّ الَّذِي لِلْوَرَثَةِ أَوْ أَغَلَّ الَّذِي لَهُمْ وَلَمْ يُغِلَّ الَّذِي لَهُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ فِي الْغَلَّةِ، (قَالَ) وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا ثُلُثَيْ الْبُسْتَانِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعُوا الْكُلَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِحِصَّةِ الثُّلُثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الدَّارِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُقَاسِمُوا الدَّارَ فَإِنِّي أَخَافُ إذَا قُسِّمَتْ أَنْ لَا يُغِلَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَهُمْ أَنْ يُقَاسِمُوهُ فَيُعْزَلُ لَهُ الثُّلُثُ فَإِذَا أَغَلَّ فَهُوَ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يُغِلَّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا ثُلُثَيْهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ وَلَيْسَ فِيهَا نَخِيلٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يُؤَاجِرُهُ فَيُعْطِي صَاحِبَ الْغَلَّةِ ثُلُثَ الْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَخِيلٌ أَوْ شَجَرٌ أَعْطَى ثُلُثَ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّخِيلِ وَالشَّجَرِ وَلَا يَدْفَعُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ إجَارَةَ الْأَرْضِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ مُنْذُ سِنِينَ مُسَمَّاةٍ كُلُّ سَنَةٍ بِكَذَا وَهِيَ جَمِيعُ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِهَا فَإِنْ كَانَ مَا سَمَّى مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِهَا وَجَبَ تَنْفِيذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ تَنْفُذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِجَارَةِ: إنْ أَرَدْت أَنْ تُؤَاجِرَ مِنْك هَذِهِ الْأَرْضَ فَبَلَغَ الْأَجْرُ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ بَلَغَ تُؤَاجَرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا تُؤَاجَرُ الْأَرْضُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَبَدًا أَوْ بِأَوْلَادِهَا أَوْ بِلَبَنِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَلَهُ مَا فِي بُطُونِهَا مِنْ الْوَلَدِ وَمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَمَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُوصِي سَوَاءٌ قَالَ: أَبَدًا أَوْ لَمْ يَقُلْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ اشْتَرَى الْبُسْتَانَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَبِعْهُ الْوَرَثَةُ وَلَكِنَّهُمْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْغَلَّةَ وَيُبَرِّئَهُمْ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ فِي الْمَسَاكِينِ جَازَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ.
وَإِذَا أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ بِظَهْرِ دَابَّتِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُتْرَكَ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ لِلْمَسَاكِينِ فَمَاتَ وَلَمْ يَحْمِلْ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِشَيْءٍ قِيلَ: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَقِيلَ: يُوقَفُ هَذَا الْكَرْمُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ مَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِغَلَّتِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ كَرْمِهِ لِإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَوَائِمُ وَالْأَوْرَاقُ وَالْحَطَبُ وَالثَّمَرَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِثِيَابِ جَسَدِهِ لِرَجُلٍ جَازَ وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الْجِبَابِ وَالْقَمَصِ وَالْأَرْدِيَةِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْأَكْسِيَةِ دُونَ الْقَلَانِسِ وَالْخِفَافِ وَالْجَوَارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الثِّيَابِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَوْصَى فَقَالَ: تَصَدَّقُوا بِهَذَا الثَّوْبِ إنْ شَاءُوا بَاعُوهُ وَأَعْطَوْهُ ثَمَنَهُ وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ قِيمَتَهُ وَأَمْسَكُوا الثَّوْبَ.
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (ده يَتِيم راجامه كُنَّ) فَأَعْطَى الْوَصِيُّ كُلَّ يَتِيمٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ مِقْدَارَ مَا يَتَّخِذُ مِنْهُ ثَوْبًا إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْكِرْبَاسَ وَأُجْرَةَ الْخَيَّاطِ يَجُوزُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي الْعُيُونِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ أَنْ يَزْرَعَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ مِنْ أَرْضه فَالْبَذْرُ وَالْخَرَاجُ وَالسَّقْيُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يُزْرَعَ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشْرَةُ أَجْرِبَةٍ فَالْبَذْرُ وَالسَّقْيُ وَالْخَرَاجُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بَلَغَتْ أَوْ زَرْعٍ اسْتَحْصَدَ وَلَمْ يُحْصَدْ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ أَوْ زَرْعٍ قَدْ أَدْرَكَ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ.
وَلَوْ قَطَعَ الثَّمَرَةَ وَحَصَدَ الزَّرْعَ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصِي، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الْجِرَابِ الْهَرَوِيِّ فَلَهُ الْجِرَابُ بِمَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْصَرَّةُ مِنْ التَّمْرِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِالْحِنْطَةِ فِي الْجُوَالِقِ لَا يَكُونُ لَهُ الْجُوَالِقُ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَلَّةَ زَعْفَرَانٍ يَدْخُلُ الزَّعْفَرَانُ دُونَ السَّلَّةِ وَفِي الْعَسَلِ وَالزَّيْتِ يَدْخُلُ هُوَ دُونَ الزِّقِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالسَّيْفِ فَلَهُ السَّيْفُ بِجَفْنِهِ وَحَمَائِلِهِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَرْجٍ فَلَهُ السَّرْجُ وَتَوَابِعُهُ مِنْ اللِّبَدِ وَالرِّفَادَةِ وَالثُّفْرِ وَالرَّكْبَانِ وَاللَّبَبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمُصْحَفٍ وَلَهُ غِلَافٌ فَلَهُ الْمُصْحَفُ دُونَ الْغِلَافِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِقُبَّةٍ فَلَهُ عِيدَانُ الْقُبَّةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِقُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ وَهِيَ مَا يُقَالُ لَهَا بِالْعُجْمَةِ (خركاه) فَلَهُ الْقُبَّةُ مَعَ الْكِسْوَةِ وَهِيَ اللُّبُودُ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحَجْلَةٍ فَلَهُ الْكِسْوَةُ دُونَ الْعِيدَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِدَنِّ خَلٍّ فَالدَّنُّ وَالْخَلُّ جَمِيعًا.
وَلَوْ قَالَ: بِدَارِ الدَّوَابِّ فَالدَّارُ وَصِيَّةٌ دُونَ الدَّوَابِّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِسَفِينَةِ الطَّعَامِ فَالطَّعَامُ دُونَ السَّفِينَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ أَوْصَى لِآخَرَ بِمِيزَانٍ فَهُوَ عَلَى الْعَمُودِ وَالْكِفَّتَيْنِ وَالْخُيُوطِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ السَّنَجَاتُ وَالْعَلَاقُ هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ دَخَلَ فِيهِ.
وَذَكَرَ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ مَاتَ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ وَقَالَ: كِسْوَتُهُ لَهُ قَالَ: لَهُ خُفَّاهُ وَقَلَنْسُوَتُهُ وَقَمِيصُهُ وَإِزَارُهُ وَسَرَاوِيلُهُ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ سَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: مَتَاعُهُ يَدْخُلُ فِيهِ سَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَقُلْ: غَنَمِي هَذِهِ فَأَعْطَى الْوَرَثَةُ الْمُوصَى لَهُ شَاةً قَدْ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَدًا قَالَ: لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِي هَذِهِ فَأَعْطَوْهُ شَاةً وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ وَلَدًا قَالَ: يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْوَارِثُ الْوَلَدَ قَبْلَ تَعْيِينِ الشَّاةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِنَخْلَةٍ بِأَصْلِهَا وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ نَخِيلِي هَذِهِ فَهُوَ مِثْلُ الشَّاةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا وَيُعْطُونَهُ أَيَّ نَخْلَةٍ شَاءُوا دُونَ ثَمَرَتِهَا الَّتِي أَثْمَرَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَإِنْ كَانُوا اسْتَهْلَكُوا ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ.
إذَا أَوْصَى أَنْ تَعْتِقُ جَارِيَتُهُ هَذِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَاتَ فَقَبْلَ أَنْ تَعْتِقُ وَلَدَتْ وَلَدًا وَهِيَ مَعَ وَلَدِهَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ وَلَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ تُكَاتَبَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ تَعْتِقُ عَلَى مَالٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْوَلَدِ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِجَارِيَتِهِ هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ أَوْ يُوهَبَ مِنْ فُلَانٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِهِ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْوَلَدِ كَمَا تَنْفُذُ فِي الْجَارِيَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بِيعَتْ هِيَ وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهَا.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هِيَ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَدًا فَإِنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْوَلَدِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ عَبْدٌ وَقَتَلَهَا فَدُفِعَ بِهَا أَوْ قَطَعَ يَدَهَا فَدُفِعَ بِيَدِهَا أَوْ وَطِئَهَا وَاطِئٌ بِشُبْهَةٍ حَتَّى غَرِمَ الْعُقْرَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ وَلَا الْأَرْشُ وَلَا الْعُقْرُ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ قَدْ قُتِلَتْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِفِقْدَانِ مَحِلِّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهَا بِيعَتْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ، وَلَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ بِكْرٌ حَطَّ قَدْرَ الْبَكَارَةِ أَيْضًا وَلَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ ثَيِّبٌ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ لَا يُحَطُّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا أَوْ يَدُهَا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ بِيعَتْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَبَى فُلَانٌ الشِّرَاءَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَغَرِمَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَنْ تُكَاتَبَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ وَيُتَصَدَّقَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ تُبَاعُ نَفْسُهَا وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا فَرَدَّتْ الْجَارِيَةُ الْكِتَابَةَ وَالْبَيْعَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ جَارِيَتُهُ هَذِهِ نَسَمَةً وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَدًا بِيعَتْ هِيَ وَحْدَهَا نَسَمَةً وَلَمْ يُبَعْ مَعَهَا وَلَدُهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلِآخَرَ بِخِدْمَتِهِ سَنَتَيْنِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ خَدَمَ الْوَرَثَةَ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَالْمُوصَى لَهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَوْمًا لِصَاحِبِ السَّنَةِ وَيَوْمَيْنِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ حَتَّى يَمْضِيَ تِسْعُ سِنِينَ.
وَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ: لِفُلَانٍ هَذِهِ السَّنَةُ وَلِفُلَانٍ هَذِهِ وَسَنَةٌ أُخْرَى، يَخْدُمُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى الْوَرَثَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَيَخْدُمُهُمَا يَوْمَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا، وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَمَةِ لِفُلَانٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَبِبِنَائِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذَا الْخَاتَمِ لِفُلَانٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الْقَوْصَرَّةِ لِفُلَانٍ وَبِالثَّمَرَةِ الَّتِي فِيهَا لِآخَرَ فَإِنْ وَصَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْصَى وَإِنْ فَصَلَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَنْفَرِدُ صَاحِبُ الْأَصْلِ بِالْأَصْلِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي التَّبَعِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِفُلَانٍ آخَرَ أَوْ أَوْصَى بِهَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَسُكْنَاهَا لِفُلَانٍ آخَرَ أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ لِفُلَانٍ وَثَمَرَتِهَا لِآخَرَ أَوْ بِهَذِهِ الشَّاةِ لِفُلَانٍ وَبِصُوفِهَا لِآخَرَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا سَمَّى لَهُ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَلَوْ ابْتَدَأَ بِالتَّبَعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ثُمَّ بِالْأَصْلِ بِأَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ بِالْعَبْدِ لِآخَرَ، أَوْ أَوْصَى بِسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالدَّارِ لِآخَرَ أَوْ بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِالشَّجَرَةِ لِآخَرَ فَإِنْ ذُكِرَ مَوْصُولًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَمَّى لَهُ بِهِ وَإِنْ ذُكِرَ مَفْصُولًا فَالْأَصْلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْأَصْلِ وَالتَّبَعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْعَبْدِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، أَوْ أَوْصَى بِخَاتَمِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِفَصِّهِ لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْخَاتَمِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِالْفَصِّ، أَوْ أَوْصَى بِجَارِيَتِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِوَلَدِهَا لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ بِوَلَدِهَا فَالْأَصْلُ وَالتَّبَعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ نِصْفُ الْعَبْدِ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِآخَرَ وَلِهَذَا نِصْفُ خِدْمَتِهِ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ خِدْمَتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْجَارِيَةِ مَعَ وَلَدِهَا وَالْخَاتَمِ مَعَ الْفَصِّ، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لِلثَّانِي بِنِصْفِ الْعَبْدِ يُقَسَّمُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَكَانَ لِلثَّانِي نِصْفُ الْخِدْمَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجَعَ عَنْ هَذَا وَقَالَ: إذَا أَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ أَوْصَى بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا وَالْخِدْمَةَ كُلَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، وَقَالُوا: لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَمَةٍ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِمَا فِي بَطْنِهَا وَأَوْصَى بِهَا أَيْضًا لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِمَا فِي الْبَطْنِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْوَلَدُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَوْصَى بِهِ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ.
وَلَوْ أَوْصَى بِالدَّارِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِبَيْتٍ فِيهَا بِعَيْنِهِ لِآخَرَ كَانَ الْبَيْتُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ.
وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِمِائَةٍ مِنْهَا لِآخَرَ كَانَ تِسْعُمِائَةٍ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ وَالْمِائَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَبِبِنَائِهِ لِآخَرَ كَانَ الْبِنَاءُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
إذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَرَقَبَتِهِ جِنَايَةً فَالْفِدَاءُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِذَا فَدَاهُ خَدَمَهُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ طَهَّرَهُ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ انْتَقَضَتْ الْوَصِيَّةُ، ثُمَّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: أَدِّ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ ذَلِكَ الْفِدَاءَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُرَدَّ الْفِدَاءَ عَلَى وَرَثَتِهِ بِيعَ فِيهِ الْعَبْدُ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فِي عُنُقِهِ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْخِدْمَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يَفْدِيَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَأَيَّهُمَا صَنَعَ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ خَطَأً وَلَمْ يَجْنِ الْعَبْدُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ قِيمَةٌ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا يَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ وَصَاحِبُ الْخِدْمَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ قِيمَتُهُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا فَيَخْدُمُهُ مَكَانَهُ، وَلَوْ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ دُفِعَ الْعَبْدُ وَأُخِذَتْ.
قِيمَتُهُ صَحِيحًا وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا مَكَانَهُ، وَلَوْ قُطِعَتْ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ أَوْ شُجَّ مُوضِحَةً فَأَدَّى الْقَاطِعُ أَرْشَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ اشْتَرَى بِالْأَرْشِ عَبْدًا آخَرَ لِيَخْدُمَ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ مَعَ الْأَوَّلِ أَوْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فَيَضُمُّ ثَمَنُهُ إلَى ذَلِكَ الْأَرْشِ وَيَشْتَرِي بِهِمَا عَبْدًا لِيَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ لَمْ يَبِعْ الْعَبْدَ وَلَكِنْ يَشْتَرِي بِالْأَرْشِ عَبْدًا لِيَخْدُمَهُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِالْأَرْشِ عَبْدٌ وَقَفَ الْأَرْشَ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَقْسِمَاهُ نِصْفَيْنِ أَجَزْت ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ لَا تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ فَالْأَرْشُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَكُلُّ مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ اكْتَسَبَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ أَمَةٌ كَانَ مَا وَلَدَتْ مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ وَكِسْوَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ صَغِيرٍ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ حَتَّى يُدْرِكَ الْخِدْمَةَ فَإِذَا خَدَمَ صَارَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِدَابَّتِهِ لِرَجُلٍ وَبِظَهْرِهَا وَمَنْفَعَتِهَا لِآخَرَ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ سَوَاءً؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَأَوْصَى بِرَقَبَةِ أَحَدِهِمَا لِرَجُلٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَبِخِدْمَةِ الثَّانِي لِآخَرَ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ أَلْفٌ جَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَصِيَّتِهِ يُعْطَى لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَيَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا جَاوَزَتْ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سِتُّمِائَةٍ وَالْوَصَايَا كَانَتْ ثَمَانَمِائَةٍ وَكَانَ ثُلُثُ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْوَصَايَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ اسْتَكْمَلَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ عَبْدَهُ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ يَخْدُمُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبِيدِ سَوَاءً كَانَ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ نِصْفُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ نِصْفُ رَقَبَةِ الْآخَرِ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَبِيدِ كُلِّهِمْ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَبِخِدْمَةِ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَضْرِبْ صَاحِبُ الرِّقَابِ إلَّا بِقِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ الْآخَرِ فَيَكُونُ هَذَا كَالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَيْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا، وَلَوْ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ الرِّقَابِ وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ لِاتِّسَاعِ مَحِلِّ الْوَصِيَّةِ، وَيَجْتَمِعُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَبِخِدْمَتِهِ فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ رَجَعَ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ لِفُلَانٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ فِي خِدْمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ يَخْدُمُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْدُمُ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ فَيَكُونُ لِلْآخَرِ خُمُسَا الثُّلُثِ فِي الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خُمُسُ رَقَبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِصَاحِبِ الرِّقَابِ وَبِخِدْمَةِ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِغَلَّتِهِ لِآخَرَ وَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ صَاحِبَ الْخِدْمَةِ شَهْرًا وَعَلَيْهِ طَعَامُهُ وَلِصَاحِبِ الْغَلَّةِ شَهْرًا وَعَلَيْهِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، فَإِنْ جَنَى هَذَا الْعَبْدُ جِنَايَةً قِيلَ لَهُمَا: افْدِيَاهُ، فَإِنْ فَدَيَاهُ كَانَا عَلَى حَالِهِمَا وَإِنْ أَبَيَا الْفِدَاءَ فَفَدَاهُ الْوَرَثَةُ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ مِنْ غَلَّةِ عَبْدِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْعَبْدِ فَإِنَّ ثُلُثَ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَحُبِسَتْ غَلَّتُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ هَكَذَا أَوْصَى وَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ الرَّقَبَةِ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ رُدَّ ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَلِكَ مَا حُبِسَ لَهُ مِنْ الرَّقَبَةِ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى أَرْبَعَةٍ صَاحِبِ الْغَلَّةِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ ثُلُثٌ وَصَاحِبِ الثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ دَارِهِ وَلِآخَرَ بِعَبْدِهِ وَلِآخَرَ بِثَوْبٍ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تُخْرَجَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَتْ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنَّ الْوَرَثَةَ أَجَازُوا فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حَقِّهِ لَا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةُ أَحَدِهِمْ تَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا يَضْرِبُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْغَلَّةِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَقُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِسُكْنَاهَا لِآخَرَ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ وَهِيَ الثُّلُثُ فَهَدَمَهَا رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي غَرِمَ قِيمَةَ مَا هَدَمَهُ مِنْ بِنَائِهَا، ثُمَّ تُبْنَى مَسَاكِنُ كَمَا كَانَتْ فَتُؤَاجِرُ فَيَأْخُذُ غَلَّتَهَا صَاحِبُ الْغَلَّةِ وَيَسْكُنُهَا الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ الْبُسْتَانُ إذَا أَوْصَى بِغَلَّتِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَقَطَعَ رَجُلٌ نَخْلَةً أَوْ شَجَرَةً فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَيَشْتَرِي بِهَا أَشْجَارًا مِثْلَهَا فَتُغْرَسُ.
وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِغَلَّةِ دَارِهِ وَقِيمَةُ الدَّارِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ فَلِصَاحِبِ الْغَلَّةِ نِصْفُ غَلَّةِ الدَّارِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَالدَّارِ خُمُسُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمَالِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى قَوْلِهِمَا تُقَسَّمُ الدَّارُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْغَلَّةِ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الدَّارِ وَالْمَالِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْغَلَّةِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ ثُلُثَ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ تُسْتَحَقَّ وَلَكِنَّهَا انْهَدَمَتْ قِيلَ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ: ابْنِ نَصِيبَك فِيهَا وَيَبْنِي صَاحِبُ الثُّلُثِ نَصِيبَهُ وَالْوَرَثَةُ نَصِيبَهُمْ وَأَيُّهُمْ أَبَى أَنْ يَبْنِيَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْ الْآخَرَ أَنْ يَبْنِيَ نَصِيبَهُ فِي ذَلِكَ وَيُؤَاجِرُهُ وَيَسْكُنُهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَالْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ مَا بَقِيَ وَالسَّقْيُ وَالْخَرَاجُ وَمَا يُصْلِحُهُ وَعِلَاجُ مَا يُصْلِحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَوْ بِأَلْبَانِهَا أَوْ بِسَمْنِهَا أَوْ بِأَوْلَادِهَا أَبَدًا لَمْ يَجُزْ إلَّا مَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ وَفِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَمِنْ السَّمْنِ الَّذِي فِي اللَّبَنِ الَّذِي فِي الضَّرْعِ وَمِنْ الْوَلَدِ الَّذِي فِي الْبَطْنِ يَوْمَ يَمُوتُ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِيهِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلَةٍ أَبَدًا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهَا وَلَمْ تُدْرِكْ وَلَمْ تَحْمِلْ فَالنَّفَقَةُ فِي سَقْيِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ فَإِذَا أَثْمَرَتْ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ فَإِنْ حَمَلَتْ عَامًا ثُمَّ أَحَالَتْ فَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ وَهُوَ نَظِيرُ نَفَقَةِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَنَامُ بِاللَّيْلِ وَلَا يَخْدُمُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَيْ لَمْ يُنْفِقْ صَاحِبُ الْغَلَّةِ وَأَنْفَقَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ عَلَيْهَا حَتَّى تَحْمِلَ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي نَفَقَتَهُ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِقُطْنِهِ لِرَجُلٍ وَبِحَبِّهِ لِآخَرَ أَوْ أَوْصَى بِلَحْمِ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ لِرَجُلٍ وَبِجِلْدِهَا لِآخَرَ أَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لِرَجُلٍ وَبِالتِّبْنِ لِآخَرَ- جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمَا أَنْ يَدُوسَا وَأَنْ يَسْلُخَا الشَّاةَ.
وَلَوْ أَوْصَى بِقُطْنٍ فِي الْوِسَادَةِ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِالْوِسَادَةِ كَانَ إخْرَاجُ الْقُطْنِ مِنْ الْوِسَادَةِ عَلَى صَاحِبِ الْقُطْنِ فِي قَوْلِهِمْ.
وَلَوْ أَوْصَى بِدُهْنِ هَذَا السِّمْسِمِ لِأَحَدِهِمَا وَبِكَثَبِهِ لِآخَرَ كَانَ التَّخْلِيصُ عَلَى صَاحِبِ الدُّهْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَاةٍ وَلِآخَرَ بِرِجْلِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الشَّاةِ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الرِّجْلِ وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِيَدِهَا لِآخَرَ وَبِالْإِهَابِ لِآخَرَ قَالَ: تُذْبَحُ الشَّاةُ وَيُعْطَى لِصَاحِبِ الْيَدِ الْيَدُ وَلِلْآخَرِ الرِّجْلُ وَلِلْآخَرِ الْإِهَابُ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الشَّاةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى بِزُبْدِ هَذِهِ الرِّيبَةِ لِإِنْسَانٍ وَبِمُخَاضِهَا لِآخَرَ كَانَ إخْرَاجُ الزُّبْدِ عَلَى صَاحِبِ الزُّبْدِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِحَلْقَةِ الْخَاتَمِ لِرَجُلٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْحَلْقَةُ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الْفَصِّ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْحَلْقَةِ: اضْمَنْ قِيمَةَ الْفَصِّ لَهُ وَيَكُونُ الْفَصُّ لَك، وَإِنْ كَانَ الْفَصُّ أَكْثَرَ قِيمَةً يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِّ: اضْمَنْ قِيمَةَ الْحَلْقَةِ لَهُ وَهِيَ كَالدَّجَاجَةِ إذَا ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةَ إنْسَانٍ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فِيهَا كَرْمٌ وَأَشْجَارٌ فَأَوْصَى بِأَرْضِ الْكَرْمِ لِرَجُلٍ وَبِالزَّرَاجِينِ وَالْأَغْرَاسِ وَالْأَشْجَارِ لِآخَرَ فَقُطِعَتْ الْأَشْجَارُ وَخَرِبَتْ الْأَرْضُ وَطَلَبَ مِنْهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ- كَانَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ.
وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَنَفَقَةُ الْعَبْدِ عَلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ فَإِنْ مَرِضَ الْعَبْدُ مَرَضًا وَعَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الْخِدْمَةِ لِزَمَانَةٍ وَغَيْرِهَا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ الَّتِي فِيهِ.
لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِغَلَّتِهِ أَبَدًا لَهُ أَيْضًا، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ وَفِي الْبُسْتَانِ غَلَّةٌ تُسَاوِي مِائَةً وَالْبُسْتَانُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ الَّتِي فِيهِ وَثُلُثُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْغَلَّةِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ أَبَدًا.
وَلَوْ أَوْصَى بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ غَلَّتِهِ كُلَّ سَنَةٍ لِرَجُلٍ فَأَغَلَّ سَنَةً قَلِيلًا وَسَنَةً كَثِيرًا فَلَهُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ كُلَّ سَنَةٍ يُحْبَسُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا مَا عَاشَ هَكَذَا أَوْجَبَهُ الْمُوصِي وَرُبَّمَا لَا تَحْصُلُ الْغَلَّةُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ فَلِهَذَا يُحْبَسُ ثُلُثُ الْغَلَّةِ عَلَى حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ جَمِيعَ الثُّلُثِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةً كَمَا أَوْجَبَهُ الْمُوصِي وَيَسْتَوِي إنْ أَمَرَ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْهُ دِرْهَمًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
هِشَامٌ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا يُوقِفُ الثُّلُثَ لَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْوَرَثَةَ صَالَحُوا أَحَدَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى شَيْءٍ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ فَيَبْرَأُ مِنْ وَصِيَّتِهِ؟ قَالَ: يُوقَفُ الثُّلُثُ كُلُّهُ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَرْجِعُ حَقُّهُ الَّذِي صَالَحَهُ إلَى الْوَرَثَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ دَارُهُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَأَنْ يُقْرَضَ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ سَنَةً وَاسْتَهْلَكَ الْوَرَثَةُ الْعَيْنَ سِوَى الدَّارِ فَبِيعَتْ بِأَلْفٍ وَهِيَ تُسَاوِيهَا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْقَرْضِ سَنَةً، ثُمَّ لِلْوَرَثَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ مَا عَاشَ مِنْ مَالِهِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ: لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ يُدْفَعُ إلَيْهِ، وَالْبَاقِي وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ يُوقَفُ فَيُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: الْمَالُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ: مَا أَصَابَ صَاحِبُ النَّفَقَةِ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ وَلَمْ يُفَصِّلْ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ هَذَا فِي الْقَلِيلِ أَمَّا إذَا كَثُرَ الْمَالُ فَإِنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ مِقْدَارُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَصَحُّ، فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا وُقِفَ لَهُ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي لَا يَوْمَ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ فِي ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي إلَّا أَنَّهُ يَوْمَ مَاتَ انْتَقَصَ حَقُّهُ لِمُزَاحَمَةِ الْآخَرِ فَإِذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ يُكْمِلُ لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَحِينَئِذٍ يُدْفَعُ إلَيْهِ النَّفَقَةَ وَلَا يُكْمِلُ لَهُ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَالِ مَا يُكْمِلُ بِهِ الثُّلُثَ.
ثُمَّ إذَا كَمَّلَ حَقَّ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي لَا إلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ، هَذَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَأَمَّا إذَا لَمْ تُجِزْ فَالثُّلُثُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا فَيُدْفَعُ نِصْفُ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُوقَفُ لِيُنْفَقَ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ النَّفَقَةِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ نِصْفِ الثُّلُثِ صُرِفَ مَا بَقِيَ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لِاثْنَيْنِ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا مَا عَاشَا كُلَّ شَهْرٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَعِنْدَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ يُقَسَّمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ عِنْدَهُ وَأَرْبَاعًا عِنْدَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُوصَى لَهُمَا بِالنَّفَقَةِ لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَيْءٌ بَلْ مَا كَانَ لَهُمَا يُوقَفُ كَذَلِكَ كُلُّهُ وَيُنْفَقُ عَلَى الْبَاقِي مِنْهُمَا فَإِنْ قَالَ فِي آخِرِ وَصِيَّتِهِ: يُنْفَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ كَانَ ذَلِكَ بَيَانًا لِمَا أَوْجَبَهُ إطْلَاقُ إيجَابِهِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ.
وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ وَأَوْصَيْت بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ آخَرَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَ الْمَالُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ وَيُوقَفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْمَالُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ سَبْعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ يُدْفَعُ الثُّلُثُ إلَيْهِ وَيُوقَفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمَا بِالنَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ هَذَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ تُجِزْ قُسِّمَ الثُّلُثُ أَسْبَاعًا عِنْدَهُمَا أَيْضًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَكَأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَصْحَابُ الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عِنْدَهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي لَهُمَا بِالنَّفَقَةِ فِي هَذَا الْوَجْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَا وَصِيَّتَهُمَا رُدَّ الْبَاقِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ.
وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَدْ بَقِيَ مِمَّا وُقِفَ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ فَنِصْفُ مَا بَقِيَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَنِصْفُهُ يُوقَفُ عَلَى الْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا رُبْعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِصَاحِبِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ خَمْسَةٌ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَاشَ وَأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَشَرَةٌ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَاشَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِخَمْسَةٍ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا بِعَشَرَةٍ نِصْفَيْنِ فَيُوقَفُ نِصْفُ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ وَالنِّصْفُ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخَمْسَةِ مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَصِيَّةً وَاحِدَةً وَالْمُوصَى لَهُمَا بِالْعَشَرَةِ مُوصًى لَهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ وَصِيَّةً وَاحِدَةً، فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنْ مَاتَ الْمُفْرَدُ بِالْوَصِيَّةِ وُقِفَ مَا بَقِيَ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِمَا كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةٌ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ جَمَعَهُمَا الْمَيِّتُ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَمُتْ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ وُقِفَ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةً وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ نِصْفَيْنِ نِصْفُ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُفْرَدُ وَنِصْفُهُ لِلَّذَيْنِ جَمَعَهُمَا فِي الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْخَمْسَةِ مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَصَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ مُوصًى لَهُمَا بِجَمِيعِ الْمَالِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ يَضْرِبُ هَذَا فِي الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ وَهُمَا فِي الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا يَضْرِبُ هَذَا فِي الثُّلُثِ بِالْجَمِيعِ وَهُمَا يَضْرِبَانِ فِي الثُّلُثِ أَيْضًا بِالْجَمِيعِ فَيُقْسَمُ نِصْفَيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةٌ مَا عَاشَ وَعَلَى فُلَانٍ آخَرَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ يُقَسَّمُ الْمَالُ أَثْلَاثًا عِنْدَ الْكُلِّ عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجَيْنِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وُقِفَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا أَيْضًا عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجَيْنِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وُقِفَ مَا بَقِيَ عَلَى صَاحِبَيْهِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مَا عَاشَ وَأَوْصَى بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ مَا عَاشَا فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وُقِفَ ثُلُثُ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَثُلُثٌ آخَرُ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ وَصِيَّتِهِ رُدَّ مَا بَقِيَ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْآخَرَيْنِ وُقِفَ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى شَرِيكِهِ فَإِنْ مَاتَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ رُدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِمَ الثُّلُثُ نِصْفَيْنِ نِصْفُ الثُّلُثِ يُوقَفُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَنِصْفُهُ عَلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ عِنْدَهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ التَّخْرِيجَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ أَيْضًا: رَجُلُ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ يُوقَفُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَا عَاشَ وَقَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا كُلَّ شَهْرٍ مَا عَاشَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ دُفِعَ إلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ ثُلُثٌ كَامِلٌ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَدُفِعَ إلَى صَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ ثُلُثٌ آخَرُ كَامِلٌ وَكَانَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُوقَفُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلِصَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِصَاحِبَيْ الْعَشَرَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِي لِفُلَانٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ يُنْفَقُ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى فُلَانٍ ثَلَاثَةٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَخَذَ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَخَذَ الْآخَرَانِ ثُلُثًا آخَرَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَعْمَلُونَ مِنْهُ مَا بَدَا لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلِصَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْآخَرَيْنِ نِصْفُ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى آخَرَ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةٌ مِنْ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْبُسْتَانِ فَثُلُثُ الْبُسْتَانِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُبَاعُ سُدُسُ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُوقَفُ ثَمَنُهُ عَلَى يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَيُنْفَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ مَا سَمَّى لَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَإِنْ مَاتَا جَمِيعًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ رُدَّ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي لِبُطْلَانِ وَصِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: يُنْفَقُ عَلَى فُلَانٍ أَرْبَعَةٌ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ خَمْسَةٌ حُبِسَ السُّدُسُ.
عَلَى الْمُنْفَرِدِ وَالسُّدُسُ الْآخَرُ عَلَى الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي النَّفَقَةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ لِرَجُلٍ وَبِنِصْفِ غَلَّتِهِ لِآخَرَ وَهُوَ جَمِيعُ مَالِهِ قُسِّمَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ وَلِلْآخَرِ رُبُعُهَا وَالْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ وَعِنْدَهُمَا الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ فَثُلُثُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَالْكُلُّ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى أَنْ يَضْرِبَ صَاحِبُ الْجَمِيعِ بِالْجَمِيعِ وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَلِآخَرَ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَلَهُ سِوَى ذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِ الْعَبْدِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ فِي الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ سِتَّةٌ فِي غَلَّتِهِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهَا وَهِيَ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ فَبَاعَهَا صَاحِبُ الرَّقَبَةِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الْغَلَّةِ الْبَيْعَ جَازَ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّمَنِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَأَغَلَّ الْبُسْتَانُ سِنِينَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ شَيْءٌ إلَّا مَا يَكُونُ فِي الْبُسْتَانِ حِين يَمُوتَ أَوْ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَقَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ مِنْهَا بِمِائَةٍ فَلَيْسَ هَذَا رُجُوعًا وَالْمِائَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَتِسْعُمِائَةٍ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ إلَّا بِمِائَةٍ لِأَحَدِهِمَا فَالْمِائَةُ لِهَذَا وَالتِّسْعُمِائَةِ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمَا أُحِبَّ قَالَ: أَضْرُبُ لَهُ بِمَا أَحَبَّ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ أَحَبَّ كُلَّهُ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ أَحَبَّ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا ضَرَبْت لَهُ بِالثُّلُثِ إلَّا دِرْهَمًا.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَان بِأَلْفٍ يُعْطَى مِنْهَا فُلَانٌ مِائَةً وَفُلَانٌ مِائَتَيْنِ فَإِنِّي أُعْطِيهِمَا مَا سَمَّى لَهُمَا وَأَرُدُّ الْبَاقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِذَا سَمَّى لِأَحَدِهِمَا جَعَلْت الْبَاقِيَ لِلْآخَرِ فَإِذَا قُلْت: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَثُلُثُ مَالِهِ سَبْعُونَ دِرْهَمًا فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِمَنْ سُمِّيَتْ لَهُ الْمِائَةُ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ خَمْسُونَ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَمَالُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَ الَّذِينَ سَمَّى لَهُمَا قَدْرًا أَثْلَاثًا وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ ثَلَثُمِائَةٍ فَلِلْآخَرِ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ لِلَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَهُ قَدْرٌ.
وَلَوْ قَالَ: ثُلُثٌ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ وَلِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلِفُلَانٍ خَمْسُونَ وَالثُّلُثُ ثَلَثُمِائَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّى وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِعَبْدِ اللَّهِ وَلِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلِعَمْرٍو مِنْهُ مِائَةٌ وَالثُّلُثُ كُلُّهُ مِائَةٌ فَهِيَ لِعَمْرٍو فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلِعَمْرٍو مِائَةٌ وَمَا بَقِيَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ نِصْفَانِ.
أَوْصَى بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْهَا مِائَةٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ: لِفُلَانٍ مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ تِسْعُمِائَةٍ فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهَا فَالْبَاقِي عَلَى عَشَرَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى لِثَالِثٍ بِأَلْفٍ أُخْرَى وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ كَانَ نِصْفُ الْأَلْفِ لِلثَّالِثِ وَنِصْفُهَا لِلْأَوَّلَيْنِ عَلَى عَشَرَةٍ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مِنْهَا مِائَةٌ وَلِفُلَانٍ وَفُلَانٍ مَا بَقِيَ كَانَ لِلْأَوَّلِ مِائَةٌ فَإِنْ هَلَكَ الْأَلْفُ إلَّا مِائَةً فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلثَّانِي إلَّا مَا بَقِيَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَلَوْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ وَثُلُثُهُ أَلْفٌ فَلَيْسَ لِلْأَوْسَطِ شَيْءٌ وَالْأَلْفُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةٌ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ وَسَهْمٌ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَلِفُلَانٍ مِنْهُ مِائَةٌ، وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ وَيَوْمَ الْقِسْمَةِ خَمْسُمِائَةٍ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ الْمِائَةُ كَامِلَةً وَلِلْآخَرِ مَا بَقِيَ، وَلَوْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالثُّلُثُ أَلْفٌ وَلَمْ يُنْتَقَصْ فَنِصْفُ الثُّلُثِ لِلْآخَرِ وَنِصْفُهُ لِلْأَوَّلَيْنِ عَلَى عَشَرَةٍ وَاحِدٌ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ وَتِسْعَةٌ لِلْآخَرِ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِمِائَةٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِي وَلِفُلَانٍ بِمَا بَقِيَ وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ وَالثُّلُثُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ كُلُّ أَلْفٍ فِي كِيسٍ بِعَيْنِهِ فَقَالَ لِرَجُلٍ: أَوْصَيْت لَك بِمَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ فَلَهُ الْأَلْفُ كُلُّهَا وَهِيَ وَصِيَّةٌ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ سَائِرِ الْوَصَايَا حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِأَلْفٍ أُخْرَى لِآخَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ سَبْعُمِائَةٍ وَلِفُلَانٍ سِتُّمِائَةٍ.
قُسِّمَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْهَا أَلْفٌ كَانَتْ كُلُّهَا لِهَذَا الْأَخِيرِ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ مِنْهَا أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ أَلْفٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ بِهَذِهِ الْأَلْفِ وَلِفُلَانٍ مِنْهَا أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ آخَرَ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَوْصَيْت بِهَا لِفُلَانٍ أَلْفٌ أَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ مِنْ ذَلِكَ أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفِ أَلْفٌ وَكَانَ الثُّلُثُ أَلْفًا كَانَتْ الْأَلْفُ كُلُّهَا لِلثَّانِي فِي الْفَصْلَيْنِ.
رَجُلٌ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا فَحَضَرَ بَعْضُهُمْ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَرَادَ أَنْ يُعْطَى حِصَّتَهُ، قَالَ: ادْفَعْ إلَيْهِ وَأَمْسِكْ حِصَّةَ مَنْ بَقِيَ فَإِنْ سَلِمَتْ فَذَلِكَ وَإِنْ ضَاعَتْ شَارَكُوا الَّذِي أَخَذَ فِيمَا أَخَذَهُ وَلَا يَكُونُ فِي دَفْعِهِ إلَى قِسْمَةٍ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَعَ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهَا الْأَسَارَى فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَهُ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَلِّيَ الْأَمْرَ إلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
مَرِيضٌ قَالَ: أَخْرِجُوا مِنْ مَالِي عِشْرِينَ أَلْفًا أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ تِسْعَةُ آلَافٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَنْفُذُ وَصِيَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى تِسْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا وَيَبْطُلُ مِنْ وَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَقَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ لِلْفُقَرَاءِ كَأَنَّهُ سَمَّى لَهُمْ تِسْعَةَ آلَافٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الِابْتِدَاءِ جُمْلَةَ الْمَالِ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوا مِنْ ثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ كَذَا إلَى أَنْ قَالَ: وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ هُنَا لَا شَيْءَ لِلْفُقَرَاءِ وَيُعْطِي لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ وَصِيَّتِهِ وَيَبْطُلُ سَهْمَانِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ دَارُهُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا عَشْرَةَ أَوْقَارِ حِنْطَةٍ وَأَلْفًا مِنْ خُبْزٍ وَقَدْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى فَبِيعَتْ دَارُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُهَا مَا يُشْتَرَى بِهِ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْخُبْزِ وَلَهُ مَالٌ سِوَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ اتَّسَعَ ثُلُثُ مَالِهِ لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْوَصَايَا يُكْمِلُ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِعَشْرَةِ أَوْقَارِ حِنْطَةٍ وَأَلْفٍ مِنْ خُبْزٍ، وَقَالَ: اجْعَلُوا ثَمَنَ ذَلِكَ مِنْ مَالِي كَذَا فَجَعَلُوهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَضُرَّهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَنْ يَكُونَ سَائِرُ أَمْوَالِهِ خَبِيثَةً وَيَعْرِفُ طَائِفَةً مِنْ مَالِهِ بِالطَّيِّبِ فَيَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمَالَ بِوَصَايَاهُ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِوَصَايَا فَبَلَغَ وَرَثَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَلَا يَعْلَمُونَ مَا أَوْصَى بِهِ فَقَالُوا: قَدْ أَجَزْنَا مَا أَوْصَى بِهِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ وَإِنَّمَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ إذَا أَجَازُوا بَعْدَ الْعِلْمِ.
رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِمَالٍ وَالْمُوصَى لَهُ مُحْتَاجٌ هَلْ يُعْطَى لَهُ مِنْ نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَخَلَفٌ وَشَدَّادٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْطَى، وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُطِيعٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُعْطَى.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي النَّوَازِلِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا وَأَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَأَوْصَى لِمُعْتَقِهِ بِمِائَةٍ فَمَاتَ مُعْتِقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ بَيَّنَ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا وَجَعَلَ الْبَاقِيَ لِلْفُقَرَاءِ فَمِائَةُ الْمُعْتَقِ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ، فَأَمَّا إذَا بَيَّنَ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا وَبَيَّنَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا مُقَدَّرًا فَمِائَةُ الْمُعْتَقِ تُصْرَفُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا، ثُمَّ قَالَ: وَالْبَاقِي يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ الْوَصَايَا أَوْ مَاتَ بَعْضُ الْمُوصَى لَهُمْ قَبْلَ الْمُوصِي فَالْبَاقِي عَلَى الْفُقَرَاءِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.